الأربعاء، 29 فبراير 2012

يومــــا مــــا









يوماً  ما 
 ستقف عند بابي وترمي على عيناي قميص يوسف
 ويرتد إلى بصري الذي اختفى حيث اختفيت ..
 يوما ما سأمتلك حزن يعقوب حتى أفرح فرح الملائكة!! 

يوما ما 
سأمتلك تلك القلوب,أطوع تلك الحناجر 

يوماً ما 

 سأدس كأس العزيز بين ثنايا قلبك كي ترجع إلى مرتدَاً حسيراٍ
يوما ما ستأتي معتذرا تطلب قلبي مجدداً

يوما ما 

سألبس قبعتي الحمراء وأمشي الطريق لبيت الإنسانية
 ولن يلتهمني الذئب لأنني محصنة ببعض التعاويذ ..
 التي ما لبثت أن انعقدت على يديك!! 

يوما ما 

سأراك حبيس خزانتي كمعطف المطر في ذلك العام .. 
لم أستخدمه ففضلت شراء الحطب لمقارعة الثلوج ..
يوما ستكنس قلبي من الحزن بجدارة ..


يوما ما 

سأراك على قارعة الطريق وقد سلبتك الدنيا كل زهوك وفرحك .. 
ولفظتك شريداً طريداً تبحث عن قلب يسترك
 ورغيف تعتاش على عفنه .
 يوما ما سأحاسبك

يوما ما

 سأنتظر قلباً جديداً غير الذي جَمـُد بين الحنايا 
كقطعة بلور تشرق من مغرب الفصول. 
لتعود علي بالدفء وارتكازة الحلم المستقيمة

 يوما ما سأبتسم 

يوماً ما  

سأكفـُر بكل مبادئي وأعتنق النفاق والكذب 
وأصبح كباقي البشر أنهش في الشرفاء وأقتل عذرية الأبرياء 
لكنني سأرفض هذه الفكرة 

لأنني لستُ أنت؟! 

يوماً ما 

سأفتح باب السبع سنوات سجن وفوقهن السبع العجاف 
وأذبح البقرة الصفراء على أعتاب قلبك .
وأمضي إلى حيث السعادة التي شملت يونس على الشاطيء 

يوماً ما 

سأحج إلى البيت العتيق حيث إعتاق الرقيق بعد أن تعتقني ذكراك 
 أبكي هناك حيث رب الأرباب وحده
 لن أذهب لأشتكيك أو أذكرك 

بل سأذهب لأرفل بحبه وحده


عهداً عربياً
 سأعتق تلك الطفلة المحبوسة في الظلام خلف غياهب الأيام
 سأعتقها لأزينها وأزفها للحلم الطويل ذا العزة والغرور 
كما يزف الشهداء للحور!!


عهداً لأجعلن أمنية الموت حلما بالنسبة إليك
 ترى الماء ويتراءى لك ثعبان الجنة
 سأنزلك منها إلى قعر الأرض 
حيث الكل بانتظارك 


ملايين النساءالمُهـَتـّكة! 






الأحد، 26 فبراير 2012

عريـــس السمـــاء حمــــد ...




شق صمت الليل البهيم في صرخاته الأولى 
معلناً عن وصول ابن السماء لبنو البشر ...
وصل صغيراً جميلا ذو شعر كثيف وعينان سوداوان 
وشفتين هما الأصغر في العالم وابتسامة خلابة ..  
تمرغ في أحضان والدتي عاما وتنازلت عنه لي التسعة عشر عاماً التالية .. 
ملأ حضني هذا القادم الجديد بالدفء وأنا لم أبلغ سن المراهقة بعد ..

 كانت الثانية عشر كافية أن تخلق مني أمـّاً .. 
وكان هو بوابتي لعالم الاحتضان وبلورة شخصيتي 
من فتاة في الثانية عشر
 لأم تربي أخوتها .. 
نشأ حمد في حضني وتحت صوتي في خضم قراراتي
 وقوانيني في البيت
 مدعمة بسلطة من والدي رحمه الله 
ولم أرى منه طوال حياتي سوى حاضر وإن اعترض جل ما يقوله إن شاء الله .. 
لا أتذكر أنني مددت يدي عليه سوى مرة واحدة
 وكان حشر مع الناس عيد حتى في التبويخ .. فناله ما نالهم .. 
كبر حمد وكبرت معه أحلامه وطموحاته ولازال حمد تلفه أخلاق الفرسان
 وأدب الخلاّقين وهدوء أهل المحراب .. 
 كان لحمد أخ أكبر منه بسنة واحدة فكانا كتوأمين
 إلا أن والدتي كانت تقرب توأمه وتبعده 
وكان هذا يستنزفه كثيراً ويبكيه أكثر  
ولا أعرف كيف لوالد أو والدة أن يفرق بين أبنائه
 فيدني الآخر منه دنواً شديداً ويبعد الآخر ويقيصه عن ابتساماته إقصاءً مريباً..!!
كانت تؤذيه هذه المعاملة من والدتي ومن أخوتي الكبار  وتؤذيني جدا ً
 لكن كنا نضحك بأننا أكثر طيبة وأن الله اختار لنا الصبر 
24فبراير2000  جلس أمامي صببت له كوب من الشاي ارتشفه قائلا .. 
حمد: أقص قذلتي يقولون طويله 
فاطمة: لا حبيبي ليش  أساساً إنت شعرك ناعم حيل وطايح على عيونك ومستحيل يرتفع أو يرجع ورى ما عليك منهم عاجبني
قال : زين عندي عشرين دينار شسوي فيهم بطلع مع ربعي الكرنفال ..؟ 
فاطمة : استانس فيهم حبيبي  وونس ربعك
ابتسم قبلني على رأسي وخرج ..  

(لأول مرة يخرج بصحبة أصدقائه للكرنفال)
25فبراير2000 عصراً نزل من الدرج بدشداشته البنية 
يطوي كمه اليسار بيده اليمين رفع ناظريه رآني فابتسم سلَم علي وخرج ..

 (هذه الذكرى لازالت تلازمني أراه ينزل ويبتسم لي فابتسم مهما كان بي من ضيق) 
26 فبراير 2000 كنت في حديقة الشعب بدر 
يبلغ ثلاث سنوات ونصف وجراح سنتين ونصف  
أراهم يلعبون وأحس بكآبة وكأن الهملايا قبعت على صدري
 لا أستطيع التنفس وأحس بدموع حائرة في عيني 
رجعت البيت وزاد هذا الإحساس لم أستطع النوم وكان بدر يرى شيئاَ
 ولا أعرف ما هو وأقل له أنت تحلم ..!!
كانت على نافذتي يمامة أو حمامة أو بومة لا أدري 
كانت تنعق عند نافذتي كل ليلة من شهر في هذه الليلة لم أسمع لها صوت .. 
غفوت بعد الصلاة لأقفز من فراشي على أصوات الصراخ ..

فتحت الباب على كلمة أخي وهو يهزني مات مات 
أقل له من الذي مات .. يقل لي حمد الذي مات ..
 نظرت لتوأمه وقد سكنته الدهشة وصرخ لآ حمد نايم بسريره .. 
هرع توأمه للغرفة فوجد فراشه لم يلامسه جسد حمد
 ومخدته لم تقبل عينيه الباكيتين .. 
وغطاؤه لم يستر قلبه الصغير 
ارتحت الحمدلله أن حمد لم يمت 
حتى نزل توأمه يبكي ويصرخ حمد مات حمد مات 
الصالة تعج بأخوتي ووالدتي ونفر من أهلي
 والدتي توشحت بالصفار كانت تجر أنفاسها مرغمة 
أغمي عليها بحضن أخوتي 
وأخوتي يصرخون باسمه أو يستصرخونه 
ليرجع ويسامحهم على كل كلمة آذته .. 
دخلت إلى غرفتي والصراخ لا يسعفني ولا الدموع ساعدتني
 إلا أن العزاء كان مهيب 
فهو أول أموات الشباب بعائلتي وموته فجأة 

... لم أحضر دفنه ... 
فأصعب من فقد الأبناء دفنهم قبلك ... 
كان يريد أن يعبر الشارع ليشتري عشاء لأصدقائه 
ففاجأه عشريني آخر يسابق الدنيا بتحمل الذنب 
ودهسه ليطير جسد حمد ويقبله الرصيف قبلة الحياة على رأسه
 ويفارق الحياة من لحظته 
مات حمد دون أن يحس بالألم .. 
ومن ضمن أغراضه التي أرجعوها العشرون دينار وساعته ...!
كانت والدتي طوال العزاء ملتاعة تصرخ لم أقل له حبيبي عمري
 ما قلت له كلمة حبيبي عمري ما حضنته .. 
آخ يا يمه يا حمد سامحني 
يا وليدي عمري ما قلت له يا عمري 

كانت تصرخ مكلومة ليس بموته فقط 
 لكن بإقصائه طوال تلك السنوات 
وهي التي لم تحسب حساب الموت في يوم من الأيام 
 سيلقف منها حمد ولن تراه مجدداً ... !! 
خلق موت حمد من والدتي أم جديدة وخلق منا أناس جدد أفضل .. 

حياتنا فعلاً قبل وبعد وفاة حمد 
انتهى العزاء ولم ينتهي عزاء والدتي وجلدها الذات يومياً وذبلت كثيراً
 حتى كنت أبحث لها عن أسماء الشباب الأموات في عمره 
وأقل لها أنظري هذا في السابعة عشر وهذا في العشرين ..

 يا أمي حتى الشباب يموتون ....!!  
طوت جثمان حمد الأرض وطوت ذكراه السنوات واليوم الذكرى الثانية عشر .. 
أقسم بالله اليوم فقط استطعت أن أنطق اسمه واستطعت أن أكتبه .. 
فلم استطع تلك السنوات أن أفلته عن لساني أو قلبي 
يبكيني اسمه في أي مكان ويفز قلبي لكل من يحمل هذا الاسم 
أشباهك يا حمد غير موجوده يا من إذا أردت الرفض كانت لاؤك نعم .. 
اليوم فقط أُفلت ذكراك كحمامة سلام 
تعانق السحب لتمازجها وتمطر على قلبي السلوان ... 
قد تستغربون

 لكن حمد لازال يعيش في بيتي وكل رؤياه تدل على أنه بخير ... 
حمد يا عريس السماء ..  حمد يا ابن عمري 
رحمك الله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون ... 





الاثنين، 6 فبراير 2012

دمــــوع التماسيـــــح






الأسم : فاطمة    
المحقق : الأسم والكنية ؟  
الفتاة : أسمى بفاطمة كنيتي العرب ولولا التاريخ لأستبدلت حرف العار بورقة غار ..
المحقق : تهمتك تتهجمين على العرب وتناصرين اليهود والنصارى .. ما السبب ؟
الفتاة: وأين هم العرب كل ما أراه أشباح ترتدي ثوبا فضفاضا كذممهم وعباءة تستر قبحهم وعقال بات هو الحل في الوصول لمنصب ..؟
المحقق وهؤلاء ليسو عرب ؟؟ 
الفتاة: ما الذي يجعل جاهل بالتاريخ يتغنى بمجد العرب ويعيش حاليا فترة فاسدة لبلاد عربية تعج بالمفسدين؟؟ 
المحقق : أنا من يسأل هنا .. لكن لا بأس  لأن هذا هو التاريخ وكل أمة تفتخر بماضيها 
الفتاة : تفتخر بماضيها إذا كان حاضرها مشرّف ومستقبلها واضح .. وليس ماض مجهول وحاضر زي الزفت ومستقبل غير معقول

المحقق: أنا أرى أن الثورات العربية جيدة لإنعاش الشعوب 
هي صرخة ضد الطغيان والسرقات والفساد .. 

الفتاة : الثورات العربية كم ضحيتها عددلي ضحاياها الفعليّين
 .. هل تعرفهم ..؟
 وحدهم الفقراء .. هم ضحاياها
الأغنياء والبورجوازيون وأهل السلطة ودعاة الفتاوى  التيك أواي .. 
في بيوتهم وفي قنواتهم يغردون على المنابر وينعقون في تويتر .. 
المحقق : تعرفين الكثير عن العرب ..؟ 
الفتاة : أو لا تعرف أنت عن العرب شيء ...؟  
 المحقق: أعرف أن العرب أساس حضارات الغرب
 وأعرف أن العرب ملكوا الدنيا وأقاموا الدنيا 
وعرف أيضاً هم من أسموا البرتغال بهذا الإسم لوفرة البرتقال 
وحرفت بعد ذلك وأيضا وصلوا الصين والأندلس .. 

الفتاة : من قال أن العرب أساس الحضارات ؟
وهم لا يملكون حضارة سوى هبل واللات والعزى والتي بالمناسبة أصبحت تتنفس 
 من أين لهم بالحضارات من الأبينة أم من الأقبية التي خضعوا فيها . ؟
لم يسلم منهم  لا نبي ولا شريف ..؟
ولو عاد النبي أو أرسل إلى زماننا لحاربوه وطاردوه .
هم أشد كفرا من كفار قريش قبل 1433 سنة ..
وإن كان على العلم يا سيادة المحقق أعطني عالم من أصل عربي 
العالم ابن سينا الذي درست مناهجه في كل الجامعات حتى القرن العشرين
 ليس عربياًّ الخوارزمي كذلك
 ثم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أوصى بالعلم 
والعرب اتخذوا علومهم من الاطلاع على الحضارات اليونانية والرومانية والفارسية فليس خطأ الغرب أخذوا عنكم بعض العلم فيما العرب غرقى بالملذات ..؟

المحقق : أنت تبالغين لا زالت الدنيا بخير والعرب فيهم الخير إلى أن تقوم الساعة ..
الفتاة: عن أي خير تتحدث عن بيع فلسطين قطعة قطعة أم توالي تقطيع لبنان 
أم ثوراتهم الجديدة  أم تجدد الاستعمار لكن بشكل آخر 
أعطني حقبة واحدة استطيع أن أقل أن العرب يستحقون أن أكنّى بهم غير ديانتي ؟؟  

المحقق : أرى النور بالشباب العربي سيكونون وطناً عربياً متكاملا .. 
الفتاة: أعجب فعلا فعلا من الصحوة الغريبة للشباب العربي 
والأغرب عجبي لصحوة الحكام الطغاة الذين يرون أن هذا الشباب تهديد لمصالحهم
 فبدلا أن يحاولوا قدر الإمكان الإصلاح ... !! 
يقمعون ويقتّلون ويشرّدون على مرأى ومسمع من العالم العربي!!

المحقق : أعترف بأن هذه ليست جلسة تحقيق .. أنت متهمة بازدراء العرب ..
الفتاة: أزدري تخاذلهم وهوانهم ضعفهم ومحاباتهم
 تفضيل مصالحهم على مصالح الشعوب 
وكأن الذي يجمع منهم المال لن يتركه
 لينحصر بين التراب يتغذى عليه دود الأرض ...؟ 
لا علاقة لي بعقاب الله لهم هذا شأن الله فيهم .. لكن لماذا ؟  
لماذا تركنا الإسلام ليتخذ كل منا إسلامه كما يريد وكما يشتهي  .. 
لماذا نستنكر الموت والقتل في شعب ونتشفّى في شعب آخر ؟؟ 
لماذا والإسلام دين وسطي يسعى للسلام ..
 لما العرب أسياد الدم والفسق والفجور ؟؟
 لما العرب أسياد المال والنساء والخمور؟ 
لما العرب أسياد الغدر والمكر والقبور ؟؟ 
لما العرب لا يعترفون بأنهم أسياد الغباء في كل العصور ...؟ 
أرجعني إلى حبسي فتهمتي إزدراء العرب .. 
ويحق لي في عالم بات دم المسلم على المسلم حلال

 المحقق : كلنا ماضون يا فاطمة ..
فاطمة : فرق أن تمضي للهاوية  من أن تمضي للقمة .. !! 


تمت /فاطمة حسين العلي